سورة المرسلات - تفسير تفسير القرطبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (المرسلات)


        


{وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً (1) فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً (2) وَالنَّاشِراتِ نَشْراً (3) فَالْفارِقاتِ فَرْقاً (4) فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً (5) عُذْراً أَوْ نُذْراً (6) إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ (7) فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ (8) وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ (9) وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ (10) وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ (11) لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (12) لِيَوْمِ الْفَصْلِ (13) وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ (14) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (15)}
جمهور المفسرين على أن المرسلات الرياح.
وروى مسروق عن عبد الله قال: هي الملائكة أرسلت بالمعروف من أمر الله تعالى ونهيه والخبر والوحي. وهو قول أبي هريرة ومقاتل وأبي صالح والكلبي.
وقيل: هم الأنبياء أرسلوا بلا إله إلا الله، قاله ابن عباس.
وقال أبو صالح: إنهم الرسل ترسل بما يعرفون به من المعجزات. وعن ابن عباس وابن مسعود: إنها الرياح، كما قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ} [الحجر: 22]. وقال: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ} [الأعراف: 57]. ومعنى عُرْفاً يتبع بعضها بعضا كعرف الفرس، تقول العرب: الناس إلى فلان عرف واحد: إذا توجهوا إليه فأكثروا. وهو نصب على الحال من وَالْمُرْسَلاتِ أي والرياح التي أرسلت متتابعة. ويجوز أن تكون مصدرا أي تباعا. ويجوز أن يكون النصب على تقدير حرف الجر، كأنه قال: والمرسلات بالعرف، والمراد الملائكة أو الملائكة والرسل.
وقيل: يحتمل أن يكون المراد بالمرسلات السحاب، لما فيها من نعمة ونقمة، عارفة بما أرسلت فيه ومن أرسلت إليه.
وقيل: إنها الزواجر والمواعظ. وعُرْفاً على هذا التأويل متتابعات كعرف الفرس، قاله ابن مسعود.
وقيل: جاريات، قاله الحسن، يعني في القلوب.
وقيل: معروفات في العقول.
{فَالْعاصِفاتِ عَصْفاً} الرياح بغير اختلاف، قاله المهدوي. وعن ابن مسعود: هي الرياح العواصف تأتي بالعصف، وهو ورق الزرع وحطامه، كما قال تعالى: {فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قاصِفاً} [الاسراء: 69].
وقيل: العاصفات الملائكة الموكلون بالرياح يعصفون بها.
وقيل: الملائكة تعصف بروح الكافر، يقال: عصف بالشيء أي أباده وأهلكه، وناقة عصوف أي تعصف براكبها، فتمضى كأنها ريح في السرعة، وعصفت الحرب بالقوم أي ذهبت بهم.
وقيل: يحتمل أنها الآيات المهلكة كالزلازل والخسوف. {وَالنَّاشِراتِ نَشْراً} الملائكة الموكلون بالسحب ينشرونها.
وقال ابن مسعود ومجاهد: هي الرياح يرسلها الله تعالى نشرا بين يدي رحمته، أي تنشر السحاب للغيث.
وروى ذلك عن أبي صالح. وعنه أيضا: الأمطار، لأنها تنشر النبات، فالنشر بمعنى الأحياء، يقال: نشر الله الميت وأنشره أي أحياه.
وروى عنه السدي: أنها الملائكة تنشر كتب الله عز وجل.
وروى الضحاك عن ابن عباس قال: يريد ما ينشر من الكتب وأعمال بني آدم. الضحاك: إنها الصحف تنشر على الله بأعمال العباد.
وقال الربيع: إنه البعث للقيامة تنشر فيه الأرواح. قال: وَالنَّاشِراتِ بالواو، لأنه استئناف قسم آخر. {فَالْفارِقاتِ فَرْقاً} الملائكة تنزل بالفرق بين الحق والباطل، قاله ابن عباس ومجاهد والضحاك وأبو صالح.
وروى الضحاك عن ابن عباس قال: ما تفرق الملائكة من الأقوات والأرزاق والآجال.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال: الفارقات الرياح تفرق بين السحاب وتبدده. وعن سعيد عن قتادة قال: فَالْفارِقاتِ فَرْقاً الفرقان، فرق الله فيه بين الحق والباطل والحرام والحلال. وقاله الحسن وابن كيسان.
وقيل: يعني الرسل فرقوا بين ما أمر الله به ونهى عنه أي بينوا ذلك.
وقيل: السحابات الماطرة تشبيها بالناقة الفارق وهي الحامل التي تخرج وتند في الأرض حين تضع، ونوق فوارق وفرق. وربما شبهوا السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة، قال ذو الرمة:
أو مزنة فارق يجلو غواربها *** تبوج البرق والظلماء علجوم
{فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً} الملائكة بإجماع، أي تلقي كتب الله عز وجل إلى الأنبياء عليهم السلام، قاله المهدوي.
وقيل: هو جبريل وسمي باسم الجمع، لأنه كان ينزل بها.
وقيل: المراد الرسل يلقون إلى أممهم ما أنزل الله عليهم، قاله قطرب. وقرأ ابن عباس {فالملقيات} بالتشديد مع فتح القاف، وهو كقوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ} [النمل: 6] {عُذْراً أَوْ نُذْراً}: أي تلقى الوحي إعذارا من الله أو إنذارا إلى خلقه من عذابه، قاله الفراء.
وروى عن أبي صالح قال: يعني الرسل يعذرون وينذرون.
وروى سعيد عن قتادة عُذْراً قال: عذرا لله جل ثناؤه إلى خلقه، ونذرا للمؤمنين ينتفعون به ويأخذون به.
وروى الضحاك عن ابن عباس. عُذْراً أي ما يلقيه الله جل ثناؤه من معاذير أوليائه وهي التوبة أَوْ نُذْراً ينذر أعداءه. وقرأ أبو عمرو وحمزة والكسائي وحفص أَوْ نُذْراً بإسكان الذال وجميع السبعة على إسكان ذال عُذْراً سوى ما رواه الجعفي والأعشى عن أبي بكر عن عاصم أنه ضم الذال.
وروى ذلك عن ابن عباس والحسن وغيرهما. وقرأ إبراهيم التيمي وقتادة {عذرا ونذرا} بالواو العاطفة ولم يجعلا بينهما ألفا. وهما منصوبان على الفاعل له أي للاعذار أو للانذار.
وقيل: على المفعول به، قيل: على البدل من ذِكْراً أي فالملقيات عذرا أو نذرا.
وقال أبو علي: يجوز أن يكون العذر والنذر بالتثقيل على جمع عاذر وناذر، كقوله تعالى: {هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى} [النجم: 56] فيكون نصبا على الحال من الإلقاء، أي يلقون الذكر في حال العذر والإنذار. أو يكون مفعولا ل- ذِكْراً أي فَالْمُلْقِياتِ أي تذكر عُذْراً أَوْ نُذْراً.
وقال المبرد: هما بالتثقيل جمع والواحد عذير ونذير. {إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ} هذا جواب ما تقدم من القسم، أي ما توعدون من أمر القيامة لواقع بكم ونازل عليكم.
ثم بين وقت وقوعه فقال: فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ أي ذهب ضوءها ومحي نورها كطمس الكتاب، يقال: طمس الشيء إذا درس وطمس فهو مطموس، والريح تطمس الآثار فتكون الريح طامسة والأثر طامسا بمعنى مطموس. {وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ} أي فتحت وشقت، ومنه قوله تعالى: {وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً} [النبأ: 19].
وروى الضحاك عن ابن عباس قال: فرجت للطي. {وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ} أي ذهب بها كلها بسرعة، يقال: نسفت الشيء وأنسفته: إذا أخذته كله بسرعة. وكان ابن عباس والكلبي يقول: سويت بالأرض، والعرب تقول: فرس نسوف إذا كان يؤخر الحزام بمرفقيه، قال بشر:
نسوف للحزام بمرفقيها ***
ونسفت الناقة الكلا: إذا رعته.
وقال المبرد: نسفت قلعت من موضعها، يقول الرجل للرجل يقتلع رجليه من الأرض: أنسفت رجلاه.
وقيل: النسف تفريق الاجزاء حتى تذروها للرياح. ومنه نسف الطعام، لأنه يحرك حتى يذهب الريح بعض ما فيه من التبن. {وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} أي جمعت لوقتها ليوم القيامة، والوقت الأجل الذي يكون عنده الشيء المؤخر إليه، فالمعنى: جعل لها وقت وأجل للفصل والقضاء بينهم وبين الأمم، كما قال تعالى: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ} [المائدة: 109].
وقيل: هذا في الدنيا أي جمعت الرسل لميقاتها الذي ضرب لها في إنزال العذاب بمن كذبهم بأن الكفار ممهلون. وإنما تزول الشكوك يوم القيامة. والأول أحسن، لان التوقيت معناه شيء يقع يوم القيامة، كالطمس ونسف الجبال وتشقيق السماء ولا يليق به التأقيت قبل يوم القيامة. قال أبو علي: أي جعل يوم الدين والفصل لها وقتا.
وقيل: أقتت وعدت وأجلت.
وقيل: أُقِّتَتْ أي أرسلت لأوقات معلومة على ما علمه الله وأراد. والهمزة في أُقِّتَتْ بدل من الواو، قاله الفراء والزجاج. قال الفراء: وكل واو ضمت وكانت ضمتها لازمة جاز أن يبدل منها همزة، تقول: صلى القوم إحدانا تريد وحدانا، ويقولون هذه وجوه حسان وأجوه. وهذا لان ضمة الواو ثقيلة. ولم يجز البدل في قوله: {وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ} [البقرة: 237] لان الضمة غير لازمة. وقرأ أبو عمرو وحميد والحسن ونصر. وعن عاصم ومجاهد {وقتت} بالواو وتشديد القاف على الأصل.
وقال أبو عمرو: وإنما يقرأ {أُقِّتَتْ} من قال في وجوه أجوه. وقرأ أبو جعفر وشيبة والأعرج {وقتت} بالواو وتخفيف القاف. وهو فعلت من الوقت ومنه {كِتاباً مَوْقُوتاً}. وعن الحسن أيضا: {ووقتت} بواوين، وهو فوعلت من الوقت أيضا مثل عوهدت. ولو قلبت الواو في هاتين القراءتين ألفا لجاز. وقرأ يحيى وأيوب وخالد بن إلياس وسلام {أُقِّتَتْ} بالهمزة والتخفيف، لأنها مكتوبة في المصحف بالألف. {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ}؟ أي أخرت، وهذا تعظيم لذلك اليوم فهو استفهام على التعظيم. أي {لِيَوْمِ الْفَصْلِ} أجلت.
وروى سعيد عن قتادة قال: يفصل فيه بين الناس بأعمالهم إلى الجنة أو إلى النار.
وفي الحديث: «إذا حشر الناس يوم القيامة قاموا أربعين عاما على رؤوسهم الشمس شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون الفصل». {وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ} أتبع التعظيم تعظيما، أي وما أعلمك ما يوم الفصل؟ {فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} أي عذاب وخزي لمن كذب بالله وبرسله وكتبه وبيوم الفصل فهو وعيد. وكرره في هذه السورة عند كل آية لمن كذب، لأنه قسمه بينهم على قدر تكذيبهم، فإن لكل مكذب بشيء عذابا سوى تكذيبه بشيء آخر، ورب شيء كذب به هو أعظم جرما من تكذيبه بغيره، لأنه أقبح في تكذيبه، وأعظم في الرد على الله، فإنما يقسم له من الويل على قدر ذلك، وعلى قدر وفاقه وهو قوله: {جَزاءً وِفاقاً} [النبأ: 26].
وروى عن النعمان بن بشير قال: ويل: واد في جهنم فيه ألوان العذاب. وقاله ابن عباس وغيره. قال ابن عباس: إذا خبت جهنم أخذ من جمره فألقى عليها فيأكل بعضها بعضا. وروي أيضا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: «عرضت علي جهنم فلم أر فيها واديا أعظم من الويل» وروى أنه مجمع ما يسيل من قيح أهل النار وصديدهم، وإنما يسيل الشيء فيما سفل من الأرض وانفطر، وقد علم العباد في الدنيا أن شر المواضع في الدنيا ما استنقع فيها مياه الأدناس والأقذار والغسالات من الجيف وماء الحمامات، فذكر أن ذلك الوادي. مستنقع صديد أهل الكفر والشرك، ليعلم ذوو العقول أنه لا شيء أقذر منه قذارة، ولا أنتن منه نتنا، ولا أشد منه مرارة، ولا أشد سوادا منه، ثم وصفه رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بما تضمن من العذاب، وأنه أعظم واد في جهنم، فذكره الله تعالى في وعيده في هذه السورة.


{أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (16) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (17) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (18) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (19)}
قوله تعالى: {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ} أخبر عن إهلاك الكفار من الأمم الماضين من لدن آدم إلى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ} أي نلحق الآخرين بالأولين. {كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ} أي مثل ما فعلناه بمن تقدم نفعل بمشركي قريش إما بالسيف، وإما بالهلاك. وقرأ العامة ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ بالرفع على الاستئناف، وقرأ الأعرج {نتبعهم} بالجزم عطفا على نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ كما تقول: ألم تزرني ثم أكرمك. والمراد أنه أهلك قوما بعد قوم على اختلاف أوقات المرسلين. ثم استأنف بقوله: كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ يريد من يهلك فيما بعد. ويجوز أن يكون الإسكان تخفيفا من نُتْبِعُهُمُ لتوالي الحركات.
وروى عنه الإسكان للتخفيف.
وفي قراءة ابن مسعود {ثم سنتبعهم} والكاف من كَذلِكَ في موضع نصب، أي مثل ذلك الهلاك نفعله بكل مشرك. ثم قيل: معناه التهويل لهلاكهم في الدنيا اعتبارا.
وقيل: هو إخبار بعذابهم في الآخرة.


{أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (20) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (21) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (22) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (23) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (24)}
قوله تعالى: {أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ} أي ضعيف حقير وهو النطفة وقد تقدم. وهذه الآية أصل لمن قال: إن خلق الجنين إنما هو من ماء الرجل وحده. وقد مضى القول فيه.
{فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ} أي في مكان حريز وهو الرحم. {إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ} قال مجاهد: إلى أن نصوره.
وقيل: إلى وقت الولادة. فَقَدَرْنا وقرأ نافع والكسائي {فقدرنا} بالتشديد. وخفف الباقون، وهما لغتان بمعنى. قاله الكسائي والفراء والقتبي. قال القتبي: قدرنا بمعنى قدرنا مشددة: كما تقول: قدرت كذا وقدرته، ومنه قول النبي صلى الله عليه سلم في الهلال: «إذا غم عليكم فاقدروا له» أي قدروا له المسير والمنازل.
وقال محمد بن الجهم عن الفراء: فَقَدَرْنا قال: وذكر تشديدها عن علي رضي الله عنه، تخفيفها: قال: ولا يبعد أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا، لان العرب تقول: قدر عليه الموت وقدر: قال الله تعالى: {نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ} [الواقعة: 60] قرئ بالتخفيف، والتشديد، وقدر عليه رزقه وقدر. قال: واحتج الذين خففوا فقالوا، لو كانت كذلك لكانت فنعم المقدرون. قال الفراء: وتجمع العرب بين اللغتين، قال الله تعالى: {فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} [الطارق: 17] قال الأعشى:
وأنكرتني وما كان الذي نكرت *** من الحوادث إلا الشيب والصلعا
وروي عن عكرمة فَقَدَرْنا مخففة من القدرة، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم والكسائي لقوله: فَنِعْمَ الْقادِرُونَ ومن شدد فهو من التقدير، أي فقدرنا الشقي والسعيد فنعم المقدرون. رواه ابن مسعود عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقيل: المعنى قدرنا قصيرا أو طويلا. ونحوه عن ابن عباس: قدرنا ملكنا. المهدوي: وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف. قلت: هو صحيح فإن عكرمة هو الذي قرأ فَقَدَرْنا مخففا قال: معناه فملكنا فنعم المالكون، فأفادت الكلمتان معنيين متغايرين، أي قدرنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى حالة حتى صارت بشرا سويا، أو الشقي والسعيد، أو الطويل والقصير، كله على قراءة التشديد.
وقيل: هما بمعنى كما ذكرنا.

1 | 2 | 3 | 4